الأربعاء، سبتمبر 23، 2009

ثقافة النسخ

صدف أن استمعتُ على الراديو إلى مقابلة مع أعضاء فرقة "راب" تُدعى "كتيبة خمسة". لاجئون فلسطينيون في لبنان مع كل ما في ذلك من صعوبات ومصائب. بضعة شبّان اتّخذوا من موسيقى الراب وسيلة للتعبير عمّا في صدورهم من رفض وثورة ووعي سياسي.

بثّ الراديو بعضاً من أغنياتهم أثناء المقابلة، يغنّون عن المخيّم وشوارعه وناسه بلهجة تُطوّع المفردات والتعابير الرائجة لتعطيها وقعاً شديد الشبه بوقع ما أسمعه من مفردات وتعابير أغاني الراب الغربية.

الفقر واحدٌ في العالم كلّه، والمأساة البشرية واحدة لا شك.

تسألهم المذيعة عن رأيهم بفرق الراب العربية المنتشرة في الغرب، يجيبون بأنها فرف برجوازية دخيلة على الراب، فهموم الشباب البرجوازي تختلف عن همومهم، وهم باعتقادي محقّون. لكن المذيعة تعطي مثالاً عن فرقة راب لبنانية في فرنسا اشتُهِرَت بأغنية “Pour Deux Soldats capturés” "من أجل جنديين أسيرين" ، أغنية عن أسر المقاومة للجنديين الإسرائيليين في عام 2006، والأغنية تمجّد العمل البطولي. يجيب أحد أعضاء فريقة "كتيبة 5" أن البعض يرفع شعارات "ليطلّع مصاري على ضهر غيرو". يحتجّ على أولئك الذين لم يعرفوا البلد يوماً وهم إلى ذلك يصرّون أن يقدّموا أنفسهم بصورة "ولاد البلد" للترويج.

الصدق أقول أنني لست من متابعي الراب العربي أو الغربي، غير أن أغنية الراب التي تتناول موضوع "طفّار" بعلبك-الهرمل على موقع " يو تيوب" قد أعجبتني.

ليست تلك المسألة.

الشبان في "كتيبة 5" وجدوا في الراب وسيلة مناسبة للتعبير عن أنفسهم ولعكس واقعهم، واقع مجتمعهم وأحواله، هنا المسألة.

قالب أو شكل موسيقي منسوخ من الشوارع والأحياء الفقيرة في الولايات المتّحدة الأميركية، شوارع وأحياء السود بالذات، أو "الأفارقة-الأميركيون" تجنّباً للعنصرية. كغيره من أنواع الموسيقة الغربية لاقى الراب رواجاً في العالم العربي. لكن الشكل أو القالب الموسيقي يعكس واقعاً اجتماعياً، أقصد أن الراب ،شكلا وضموناً، هو من انتاج المجتمع الذي نشأ فيه، وهو يعكس صورة هذا المجتمع في كلمات الأغنيات وفي ألحانها، جُمَلاً وتقاطيع ومفرادات موسيقية.

كيف ينشأ الاعتقاد لدى الشباب "أبناء القضية" التي يلتزمون بها في المخيّمات الفلسطينية أو في الشوارع والأحياء العربية أنّه يمكن لشكل موسيقي منسوخ بالكامل أن يعبّر عن مجتمع يختلف تماماً عن المجتمع الذي أنتج هذا الشكل الموسيقي؟

الموسيقى، كالفقر ربّما، لغة عالمية لا تعترف بحدود، لكن الموسيقى لا تنكر منشأها الاجتماعي والتاريخي والجغرافي بل تعكسه بإخلاص، مرّة ثانية كالفقر ربما.

"كتيبة 5"، ككثر غيرهم، يستسهلون النسخ والنقل لإيجاد إطار يعبّرون من خلاله عن نفسهم، ويسعون للتمايزعن غيرهم. تلك حال المجتمعات العقيمة، وإن كان العقم إلى حين، غير القادرة على إنتاج أُطُرها الخاصة الأصيلة للتعبير والانتاج.ننسخ الملابس والأبنية الفنون واللهجة والمظهر والإعلام وكل شيء، لمَ لا ننسخ الموسيقى؟

الموسيقى جزء من الكلّ المنسوخ.

ماذا لو كتب محمود درويش، مثلاً، شعره بالفرنسية؟ الأكيد أنّه حين تمّت ترجمة بعض قصائده إلى الفرنسية كان لا بدّ من إيجاد من يمكنه أن يلقيها بأكثر ما يمكن من الإخلاص للحرارة إلقاء محمود بالعربية، وهكذا كان.

بهذا المعنى أجد، على عكس رأي أعضاء "الكتيبة 5" أنّه من الأجدى أن تنشأ فرق الراب العربية في أميركا وأوروبا، وأن تجعل من القضية العربية الكبرى، القضية الفلسطينية والصراع العربي-الاسرائيلي موضوعاً لأغنياتها، وأن تقدّمها للمجتمعات هناك بشكل موسيقيّ هو ابن تلك المجتمعات. أقول أن ذلك أجدى بكثير من فرقة راب في بيروت أو ضاحيتها أو في بعلبك أو في المخيّم الفلسطيني أو في أيّ شارع عربي، حتى لو كان مغنّون الراب العرب في اوروبا و أميركا لم يطؤوا الأرض العربية يوماً، بل خاصةً إذا كانوا لم يطؤوها. فليغنّوا الراب حيث يستسيغه الناس الذين أنجبوه، ولنستمتع نحن بما شئنا منه أو من غيره، لكن لنبحث عن أشكال للتعبير والتأليف تكون من انتاجنا وتعبّر حقّاً عن ثقافتنا وحياتنا اليوم، ان كانت هجينة أم ممسوسة أم ملوّنة أم أصيلة أم عريقة، مهما كانت.

نتّجه مباشرة نحو استنفاد مخزوننا الثقافي ونستورد الثقافة التي انتجتها مجتمعات أخرى.

الاثنين، أغسطس 31، 2009

عند التقاطع

السير الدافق في شوارع بيروت يتسرّب من بعض المنافذ بين الأبنية المتلاصقة المختنقة بأدخنة الحياة المدينية. يجرفني الدفق على الرصيف. الواجهات الملساء لا توفّر ما يمكنني أن أتمسّك به. أدلف من إحدى زوايا التقاطع الغاصّ المتحشرج. يقف شرطيٌّ محاولاً بيأس بالغ تنظيم السير وتسهيله.
يمسك دفتر "الضبوطات"، شابٌّ في مطلع العشرينات من عمره، نحيلٌ إلى حدّ الهزل، محنيّ الكتفين. ألمح وجهه في فيء قبّعته، عيناه تشبهان جسده. يهزّ دفتر "الضبوطات" مهدّداً أي مخالف محتمل.
فيما يستمرّ السير سيّالاً يبدأ الشرطيّ بالدوارن حول نفسه، يجيل نظره بين السيارات المتحرّكة والمشاة، يذكّر الجمع ممن ضمّ الشارع بقدرته وسلطته العليا الناظمة متابعاً رقصته الساخرة.
يستدير نحو "الخط المتوقف"، عبر الزجاج الأماميّ للسيارة الأوروبيّة الواقفة على رأس الخط تبدو فتاة سمراء، شعرها مشدود إلى الوراء ببساطة واضحة، تجلس في سيّارتها، النوافذ مغلقة، معالم الملل بادية بوضوح في نظراتها الشازرة حتى لجدران الأبنية الواقفة.
يراها ممسكة المقود كأنّما لصورة ستُنشر في إحدى المجلات الطافحة بأخبار المجتمع الساعي إلى المخمل. تتحوّل رقصته إلى خطوات متراقصة، دفتر الضبوطات ما زال يهتزّ بيده. ينظر مباشرة في عينيّ الفتاة مقترباً من سيارتها. لا تحرّك ساكناً. يمرّ قرب السيارة دون أن يشيح نظراته الوقحة البلهاءعن رقبتها والفتحة العريضة التي تُظهر امتداد سمرة الصيف إلى صدرها. تتابعه بطرف عينيها مبدية لا مبالاة باردة . ينتظر منها استجابة ما ولو مسايرة لسلطتة. لا تريد منه سوى أن يفرج عن السير.

الجمعة، يوليو 31، 2009

Saint George Yacht Club - Beirut

This building is an architectural masterpiece, beside that, it's one of very few left collective memory symbols of Beirut and the whole middle east. Solidere must be really stopped.

الأحد، يوليو 26، 2009

نفذت البطاقات والمقاعد محجوزة

لا ريب في انتماء قاعة قصر الأونيسكو الكبرى في بيروت هذه الليلة. حيث زياد الرحباني لا التباس في الموقف ولا التباس في الاصرار ولا في التمسّك بالمبادئ. أمررائع. دخلت القاعة قبل موعد بدء الحفل بحوالي عشرين دقيقة، القاعة تغصّ بالناس، من الصعب أن تجد مقعدا، حتى شباب “التنظيم” يصعب عليهم الأمر.

عشرة مقاعد في وسط القاعة، مقاعد لا أحد يقعد فيها، “محجوزة” ترتفع الأصوات من كل الجهات فور اقترابي من تلك المقاعد! وصل البعض باكراً وحجزوا مقاعدا لأصدقائهم. أليس غريبا أن أولئك الذين يكنّون ذلك العشق لزياد غائرين في أسلوب “المقاعد المحجوزة”؟

يجد لي المنظّمون، بعد جهد واضح، مقعدا. جزيل الشكر. يدخل الموسيقيون، يبدأ التصفيق، يدخل زياد، يشتدّ التصفيق، تبدأ الموسيقى، تندثر في نفسي المقاعد، صرتُ شديد الانشغال.

الثلاثاء، أبريل 21، 2009

Beirut


Beirut
Originally uploaded by Tammouz
Most of them will be demolished, for no reason other than constructing high rise buildings. Shredding the urban tissue and deforming its aspect, making it totally similar to those stupid fungus cities spread all around the globe. Ironically, among the old buildings appearing in this photo, the only one being restored is owned by the same person who decided to demolish all the others.
The city is falling on the sky, everything seems to be upside down

الاثنين، أبريل 06، 2009

لو أفسحت الهواء لزرقة البحر لما انهارت المدينة على السماء