الأحد، ديسمبر 25، 2011

فوج اطفاء بيروت



مررت مساء قرب مركز فوج الإطفاء في بيروت قرب الملعب البلديّ، كان رنين جرس متحشرج ينطلق من المركز محاولا إنذار عناصر الفوج أن ثمة حريق في المدينة. التفتّ إلى الدرج المكشوف حيث كان بضعة رجال ينزلون بخطى متثاقلة وهم يرتدون ستراتهم ويكملون حديثاً بدأوه قبل انطلاق جرس الانذار.
لم يشبهوا بشيء أولئك الرجال الذين أراهم في الافلام الوثائقية على محطات تلفزيون الواقع التي تنقل وقائع مكافحة الحرائق في اميركا واوروبا و استراليا. الرجال الذين ينطلقون بسرعة وزخم واندفاع. بدا لي رجال فوج الاطفاء كأنما أطفأهم جرس الانذار المختنق، أو أنهم خنقوه لأنهم لا يملكون أن يطفؤوه.
ركب الرجال آليتين من الآليان المركونة. رأيتهم يقهقهون ويتبادلون النكات في إحداها، وقد كان أحد العناصر يجلس قرب السائق بقميصه الداخليّ ويمسك سترته في يده، سيرتديها في الطريق.
بعد أن بذل عنصر آخر جهدا فائقا ليفتح البوابة الحديدية أمام سيارة الاطفاء، انطلق الصهريج الأحمر وطلقاً صفيراً مدوياً لم يساعده ليفتح الطريق أمامه فأحد المواطنين كان يسدّ عليه الطريق بسيارته محاولا ركنها في مساحة صغيرة تبدو جنة لركن السيارة في بيروت. لم يتوقف عويل الصهريج الأحمر. بعد أن صار الطريق سالكاً اندفع في الشارع ولفح وجهي برياح إذ كان يشق الهواء أمامه وبقيت أحاول التذكر إن كنت لمحتُ أحد العناصر يدخن سيجارة أم انه قد خُيّل إلي.

السبت، أغسطس 20، 2011

ليمعن في استخفافه، أتحفنا نجدت أنزور في حلقة اليوم من "في حضرة الغياب" بمشهد في مقهى بيروتي في السبعينات تعلو أحد جدرانه صورة فيروز من ألبومها الأخير "إيه في أمل"، يا للإتقان!!

الجمعة، أغسطس 19، 2011

محمود درويش، بكامل غيابه

منذ توفّي محمود درويش تناوله الكثيرون بأعمال وأساليب مختلفة، معظمها كان بائسا، فأنا لم أرَ منها شيئا جدّيا سوى القصيدة التي كتبها تميم البرغوثي في ذكرى رحيله. لكنني منّيتُ النفس بعمل يستحقّ التقدير حين قرأت أن المخرج نجدت اسماعيل أنزور يحضّر لمسلسل يتناول حياة الشاعر، وصرتُ بانتظار رمضان لأشاهد العمل. وأتى رمضان لأكتشف أني كنت بانتظار خيبة أمل.

"في حضرة الغياب" يبدو عنوانا بديهيا للمسلسل، بديهيا إلى حدّ اعتقدتُ أنه اختير على عجلة لكسب الوقت والتركيز على العمل في الفترة القصيرة نسبياً لعمل من هذا النوع كما قيل، فماذا في العمل؟

يبدأ المسلسل من حيث تبدأ رحلة نهاية محمود درويش، يبدأ بحالة من التفجّع المستمر وقصة حب سقيمة مع "رهف"، فتلوح بشائر التردّي من الحلقة الأولى. محمود في شرود أبله بسبب الأخبار الطبية السيئة، "رهف" في دلع وانشداه وطبيب يلاحق رهف بمراهقة سمجة، وقصة الافلام العربية اياها، لا يوجد اثنان يتبادلان الحب، كلٌّ يحب من لا يحبه، وعقد لا تنتهي وخفايا يمكن ان تتوضّح بكلمة واحدة لكن أحداً لا ينطقها.

يغفو محمود في الطائرة فننتقل إلى طفولته بأسلوب مستهلك. تطول حقبة الطفولة عدة حلقات حتى خلت أن لا شيء يستحق الذكر في حياة درويش فقرر الكاتب والمخرج أن يحشوا ما أمكنهما من حلقات في الطفولة.

يختفي محمود الطفل ليظهر وقد اكتملت رجولته وانخرط في العمل السياسي والكتابة وصار معروفا وله دائرة أصدقاء من الشعراء والمثقفين دون أن نرى شيئا من شبابه الأول ومراهقته، ربما لأن الطفولة احتلت الوقت أو أن تلك الحقبة من حياة الشاعر جزء من سرّ مكتوم.

الكل حول محمود يرددون قصائده كطلاب "يسمّعون" الدرس "كرجة مي" ومحمود في انشداه وذهول دائمين، كأنما تسيطر عليه حالة صدمة دائمة. وبالطبع هناك "ريتا" التي لا شغل لها سوى أن تلتقي بمحمود وهي في هيام رومنسي ومجابهة ابن عمها "شلومو" الحقير العنصري ذات الشخصية الصبيانية، والذي يطاردها بصفاقة وجهل مطبقين مع أنه ذا رتبة في الموساد كما أشار المسلسل. ثم نراه فيما بعد يقوم بتنفيذ اغتيال غسان كنفاني في تطوير درامي رهيب يؤكّد حقارته وخسّته. محمود يُسجن ويخرج من السجن ويكتب قصائد ويلتقي ريتا، هذا كل ما يمكننا أن نراه، ولا أحد يحتاج المسلسل ليعرف هذا عن محمود.

ينتقل محمود إلى موسكو فنكتشف أنه نسونجي، ثم إلى مصر، نسونجي أيضأ، وشخصيته ما تزال هزيلة ركيكة ولا يظهر شيئاً من حياة درويش سوى غرامياته وعلاقته بمشاهير العرب ومثقفيهم، ودروس التسميع مستمرة. ثم يترك مصر ويتركنا في ظمأ لحياته في مصر، لكن التطور الدرامي واضح، صرنا نعلم من هي رهف ومن أين أتت! هي على ما يبدو ابنة نجلاء، مغامرته المصرية، التي أنقذ حياتها، يا للدراما.

تمهيداً للانتقال المفاجئ إلى بيروت يتحفنا المخرج ببعض التمثيل المفتعل على الطريقة اللبنانية، فنرى مثلا درويش يلتفت كأنه تلقّى صفعة حين يرنّ الهاتف، ثم نكتشف ما يبرّر هذا الانفعال بأهمية المخابرة الهاتفية ونفهم أنه "قلبه حسه هالتلفون مش لخير" .من جهة أخرى، ومداراة ربما للقيم المجتمعية وتغيّر العصر، يحرص المخرج على تستير سيقان الممثلات اللاتي يرتدين "الميبني جوب"، أي التنورة القصيرة الدارجة أيام السبعينات، فيرسل من تحت التنانير سراويل لاصقة ملونة بألوان "فاقعة" في مشهد هزلي.

انتهت حلقة الليلة من المسلسل بنفس درجة الميوعة الدرامية، وهذا كله غيض من فيض. يذكرني العمل بالمسلس الكارثي الذي تناول حياة نزار قباني وبالمسرحية الرحبانية المهزلة التي تناولت حياة أبو الطيب المتنبي. إيه محمود درويش، سأنتظر غيابك الليلة القادمة.

الأحد، فبراير 13، 2011

لا ثورة في بيروت

هل سياتي دور الحريري وبري وجنبلاط و الجميل وجعج ومن لف لفيفهم لمحاكمتهم على سرقة المال العام من اجل استعادة هذا المال ام سيستمر الكلام عن هدر المال العام كانه ذهب الى البحر وليس الى جيوبهم؟ وهل سيستمر الحزب الشيوعي اللبناني بالبحث عن مخارج مسرحية لازمات النظام ام انه سيعود الى موقعه الثوري التقدمي؟ الم ير هذا الحزب، فيما يتشدق بالحديث عن السلطة بشقيها، انه هو الاخر صار جزءا من النظام اللبناني الطائفي الفاسد؟
الا يرى الحزب الشيوعي اللبناني انه صار الجزء الاكثر ميوعة وبلادة في هذا النظام؟ هل يدرك الشباب اللبناني ان بامكانه ان يطلق التغيير في البلد رغما عن انف المتمسكين بكراسيهم وثرواتهم ورغما عن انف القابعين في ميوعتهم واوهامهم؟
هل سنتظاهر في بيروت من اجل نسف الدستور والطائف؟