مررت مساء قرب مركز فوج الإطفاء في بيروت قرب الملعب البلديّ، كان رنين جرس متحشرج ينطلق من المركز محاولا إنذار عناصر الفوج أن ثمة حريق في المدينة. التفتّ إلى الدرج المكشوف حيث كان بضعة رجال ينزلون بخطى متثاقلة وهم يرتدون ستراتهم ويكملون حديثاً بدأوه قبل انطلاق جرس الانذار.
لم يشبهوا بشيء أولئك الرجال الذين أراهم في الافلام الوثائقية على محطات تلفزيون الواقع التي تنقل وقائع مكافحة الحرائق في اميركا واوروبا و استراليا. الرجال الذين ينطلقون بسرعة وزخم واندفاع. بدا لي رجال فوج الاطفاء كأنما أطفأهم جرس الانذار المختنق، أو أنهم خنقوه لأنهم لا يملكون أن يطفؤوه.
ركب الرجال آليتين من الآليان المركونة. رأيتهم يقهقهون ويتبادلون النكات في إحداها، وقد كان أحد العناصر يجلس قرب السائق بقميصه الداخليّ ويمسك سترته في يده، سيرتديها في الطريق.
بعد أن بذل عنصر آخر جهدا فائقا ليفتح البوابة الحديدية أمام سيارة الاطفاء، انطلق الصهريج الأحمر وطلقاً صفيراً مدوياً لم يساعده ليفتح الطريق أمامه فأحد المواطنين كان يسدّ عليه الطريق بسيارته محاولا ركنها في مساحة صغيرة تبدو جنة لركن السيارة في بيروت. لم يتوقف عويل الصهريج الأحمر. بعد أن صار الطريق سالكاً اندفع في الشارع ولفح وجهي برياح إذ كان يشق الهواء أمامه وبقيت أحاول التذكر إن كنت لمحتُ أحد العناصر يدخن سيجارة أم انه قد خُيّل إلي.